سفر صفنيا ( الانبياء الصغار )
صفحة 1 من اصل 1
سفر صفنيا ( الانبياء الصغار )
المراجع :
+ قاموس الكتاب المقدس .
+ مقتطفات من تفسير القمص / تادرس يعقوب ملطى
+ تفسير كنيسة العذراء بالفجالة
+ + +
مقدمة :
الله فى حبه للبشرية ينشغل بكل إنسان ، كما ينشغل بالبشرية كجماعة . يود أن يقيم منها أيقونة حية للقدوس ، تتأهل للتمتع بالشركة فى الأمجاد الأبدية ، وتنعم بالفرح السماوى الذى لا ينقطع .
هذه الأيقونة لن تتحقق فينا ما لم نتمتع بالحياة المقدسة التى طريقها التوبة أو الرجوع إلى القدوس !
هذا هو غاية الكتاب المقدس كله ، وغاية الخلاص الإلهى ، وغاية هذا السفر ، حيث يتجلى الله بكونه الإله القدوس الغيور . فهو يؤدب ليس إلا لكى يقدس ، حتى لا يخلط الإنسان بين شركته مع الله وشركته مع الشر ، الأمر الذى يستحيل تحقيقه أو قبوله من القدوس .
يفرح الله بالتوبة الجماعية ، فكما يبسط يديه ليضم العالم كله كعروس واحدة مقدسة ، يود أن يفتح المؤمن قلبه ليتسع لكل إخوته ، وتنعم البشرية كلها بالحياة الجديدة فى الرب .
مسرة الله أن تتحول كل الشعوب إلى شفاة نقية تسبح معا بروح واحد ، وتبتهج بالله مخلصها بفرح دائم ، فى حرية صادقة .
صفنيا
اسم عبرى يعنى " يهوه يستر أو يخفى أو يحمى "
ربما كان اسمه فى ذهنه حين كتب : " اطلبوا التواضع . لعلكم تسترون فى يوم سخط الرب " ( 2 : 3 ) . وأيضا تعنى " الذى فى خوف الرب " .
بدأ عمله النبوى فى بداية حكم يوشيا بن آمون ملك يهوذا . وهو نفسه من سبط يهوذا . عاصر إرميا النبى فى بدء خدمته ، واتفق معه فى الهدف وطريقة الكتابة ، وكان له دوره الرئيسى فى الإصلاح الذى قام به يوشيا .
لا نعرف عن حياة صفنيا النبى شيئا سوى ما ورد فى هذا السفر . وقد نسب نفسه للملك حزقيا ، لهذا يظن أنه من نسل الملك الصالح حزقيا . ولد فى اليهودية ، ولكن لا تعرف بلدة مولده .
تاريخ كتابته :
واضح أن صفنيا النبى بدأ خدمته قبل سقوط نينوى وظهور دولة بابل ، ولم يكن إصلاح الملك يوشيا قد بدأ ، هذا الإصلاح الذى لعب فيه صفنيا النبى دورا هاما .
لهذا يرى البعض أن خدمته النبوية غالبا ما بدأت حوالى عام 640 حتى سنة 625 ق.م. وأن هذا السفر سجله فى أواخر هذه الفترة .
بدأ صفنيا النبى خدمته بعد حوالى خمسين عاما من نبوة ناحوم .
مفتاح السفر :
" الرب إلهك فى وسطك جبار ، يخلص ، يبتهج بك فرحا . يسكت فى محبته . يبتهج بك بترنم " ( 3 : 17 ) .
سماته :
1 – غايته الحث على التوبة كطريق للخلاص ، موبخا القادة على جميع مستوياتهم والشعب ، معلنا قرب حلول الضيق ، أى سبى يهوذا بواسطة البابليين أو الكلدانيين . لكنه على الأرجح غاب عن المشهد قبل أن يحل الخراب الذى تنبأ به عن أورشليم .
2 – بدأ السفر بالويلات وانتهى بالتسبيح ، كغالبية الأنبياء الذين ينذرون مؤكدين تأديبات الله ، ثم يفتحون باب الرجاء خاصة بالإعلان عن مجىء المسيا . هكذا يمثل السفر قطعة موسيقية لأغنية الحب الإلهى الجاد ، ففى حزن يبدأ السيمفونية ليعلن محبته الجادة ، وبتهليل يختم السيمفونية ، منشدا إياها فى عذوبة رائعة . إنها من أعذب التسابيح المفرحة فى العهد القديم .
3 – يحمل هذا السفر اتجاها مسكونيا ، فإن كانت مملكة يهوذا تسقط تحت تأديب سريع بعد طول أناة الله عليها إلى أجيال ، فإن الأمم أيضا تدخل تحت المحاكمة لشرها نحو الله ونحو شعبه . ولكن ينتهى السفر بأورشليم الجديدة التى تضم الشعوب لتصير شعب الله المسكونى . فالسفر هو دعوة البشرية كلها لتستيقظ من نومها ، وتتمتع بالشركة مع الله والحياة الجديدة الفائقة .
4 – واضح من السفر أن النبى قدم أحاديث كثيرة ، وأنه فى آخر حياته جمع بعض هذه الأحاديث بوحى الروح القدس فى هذا السفر .
5 – ككثير من أسفار الأنبياء حمل فى نهايته لغة إنجيلية مفرحة ، وبشارة للأمم أنهم سيدركون الحق الإلهى ويتمتعون به . وقد سجل ذلك بطريقة سهلة ، بسيطة ، مفهومة جدا ومباشرة .
6 – بكونه من السلالة الملكية يعرف ما قد حل بالقصر الملكى من خطايا وآثام ، فكان فى مركز يسمح له بالحديث معهم عن أخطائهم بكل صراحة .
7 – تكررت كلمة " يوم " سبع مرات فى هذا السفر . إذ سبق اليوم رقم معين غالبا ما يقصد به 24 ساعة ، أو سنة كاملة ، أما إذا لم يسبقه رقم فيقصد به وقت معين . وذلك كالقول الأحتفال بيوم رئيس معين ، فيقصد به تذكار كل حياته . فالقول " يوم الرب " ، يعنى عمل الرب ، سواء فى مجيئه للتأديب أو يوم الدينونة أو يوم الخلاص .
أقسامه :
1 – يوم الرب العظيم ص 1
2 – محاكمة الأمم ص 2
3 – أورشليم المتهللة ص 3 .
تمثل هذه الإصحاحات الثلاثة أساس الشركة مع القدوس وهو :
" الإيمان والرجاء والمحبة "
من وحى سفر صفنيا
ردنى إليك ، فأصير تسبحة لك !
+ أرى ذراعيك مبسوطتين لى أنا الخاطى .
أرجع إليك ، فتحملنى فى أحضانك ،
تقدسنى بنعمتك يا أيها القدوس وحده .
أرجع إليك فى مخدعى ،
أتوب معترفا بخطاياى وخطايا كل إخوتى .
ألتقى بك خفية كعريس عجيب ،
والتقى بك مع إخوتى يا محب كل البشرية .
+ أؤمن أنك غافر الخطايا ،
لا ترد نفسا تأتى إليك ،
بل تغسلها بدمك ، وتطهرها ، وتقدسها .
تبتر كل شر فيها ،
فإنك لن تقبل الشركة مع الشر والفساد !
+ أبواب الرجاء فيك مفتوحة ،
من يقدر أن يغلقها أمامى ؟!
لأدخل بالإيمان مملوء رجاء وفرحا وتهليلا .
+ لتقم بحبك أورشليمك السماوية فى داخلى .
ولتسكن أيها العريس الجبار فى أعماقى .
تحول حياتى إلى عرس لا ينقطع .
وتقدم لى عربون الأبدية هبة سماوية .
فأفرح مع إخوتى ،
وأسبح معهم بشفة واحدة ،
بك نصير جميعا سيمفونية حب فريدة !
+ + +
آيات من السفر :
الإصحاح الأول
يوم الرب العظيم
ظن الغالبية أن الله لن يسمح بالسبى ليهوذا كما حدث مع إسرائيل ، لأن يهوذا تضم أورشليم مدينة الله ، وبها الهيكل ، مسكن الله . فخلطوا بين عبادة الله والعبادة الوثنية ، وحتى عندما قام يوشيا بالإصلاح اكتفى الغالبية بالإصلاح الظاهرى الشكلى ، دون إصلاح القلب الروحى . لهذا جاءت نبوة صفنيا تؤكد مجىء يوم الرب الذى فيه يؤدب يهوذا ، وتسقط أورشليم تحت السبى .
" كلمة الرب التى صارت إلى صفنيا بن كوشى بن جدليا بن أمريا بن حزقيا ، فى أيام يوشيا بن آمون ملك يهوذا " [ 1 : 1 ]
جاءت مقدمة السفر تؤكد أن ما يسجله صفنيا النبى ليس من كلماته ، بل هى كلمة الرب ، أعلنت له من السماء .
يقدم لنا شجرة العائلة إلى أربعة أجيال سابقة تنتهى بحزقيا الملك ، المذكور فى ملوك الثانى 18 : 1 .
لقد بدأ يوشيا حركة الإصلاح فى السنة الثانية عشر من حكمه ، فإن كان صفنيا النبى بدأ نبوته مع بداية حكم يوشيا ، فبالتأكيد كان له دوره الرئيسى فى حركة الإصلاح .
" وأمد يدى على يهوذا ، وعلى كل سكان أورشليم ،
وأقطع من هذا المكان بقية البعل ،
اسم الكماريم ،
مع الكهنة " [ 1 : 4 ]
يعلن الله أن ما يشغله لا أورشليم ، ولا الهيكل كمبنى ، إنما القداسة ، التى يريدها لكل البشر ، فإن فقد البشر الحياة المقدسة ، فإنه مستعد أن يزيل الأرض كلها بكل ما عليها ، هذه التى خلقها من أجل الإنسان .
لقد مزجت أورشليم بين عبادة الله وعبادة البعل ، أعلن الله أنه سيقطع اسم البعل وعبادته من الأرض ، والكماريم ( كهنة الأوثان 2 ملوك 23 : 5 ) . الذين يضلون الشعب ، وأيضا يقطع الساجدين للكواكب .
" والساجدين على السطوح لجند السماء ،
والساجدين الحالفين بالرب ،
والحالفين بملكوم " [ 1 : 5 ]
جند السماء : الشمس أو القمر أو أحد النجوم ... وكانت من أقدم العبادات الوثنية .
والساجدين الحالفين بالرب ،أى الذين يمزجون بين عبادة الله الحى وعبادة الأوثان ، وأن يضيف فى قسمه بالله الحى اسم أو اسماء آلهة وثنية .
" قريب يوم الرب العظيم ،
قريب وسريع جدا .
صوت يوم الرب .
يصرخ حينئذ الجبار مرا " [ 1 : 14 ]
يقدم النبى هنا تحذيرا ليهوذا وأورشليم عن قرب الدمار الذى سيحل بواسطة البابليين . إنه ليس يوم البابليين ، بل " قرب يوم الرب العظيم " ، لأن هذا الدمار إنما بسماح من الرب لتأديبهم .
بدأ هذا اليوم بموت الملك الصالح يوشيا الذى قتله فرعون نخو فى موقعة مجدو ، واستمر اليوم حتى تم خراب أورشليم على يد نبوخذنصر البابلى .
ذهب العالم وفضته لا يستطيعان أن ينقذانا فى يوم الرب العظيم ، أما ثروة المؤمن فهى الوصية الإلهية ، من يحفظها تحفظه من الغضب الإلهى . الوصية كنز ، نقتنيه بعمل النعمة الإلهية ، فنحمل بر المسيح .
+ + +
الإصحاح الثانى
محاكمة الأمم
فى الإصحاح الأول يؤكد الرب أنه يؤدب شعبه فى حزم شديد ، إذ لا يقبل الشركة مع الشر ، وهو فى هذا استخدم أشور ، وسيستخدم بابل لتأديب شعبه " إسرائيل ويهوذا " لكن وهو يؤدب شعبه لا يقبل من الأمم أن يشمتوا بهم أو يحملوا روح البغضة والكراهية ضدهم ، فإنه يحاكمهم ويدينهم .
الله لا يعادى الأمم بل يعادى عداوتهم ، ولا ينتقم منهم بل من الشر الذى ملك عليهم .
" تجمعى واجتمعى يا أيتها الأمة غير المستحية " [ 2 : 1 ] .
يدعو هذه الأمة التى حسبت نفسها شعب الله المتميز عن بقية الأمم والشعوب أن تراجع موقفها فإنها " أمة غير مستحية " أو " غير راغبة فى الله " ، أو ليس لها ما يزكيها أمامه ، يطالبها أن تجمع نفسها وتجتمع معا ، فإن أحد ثمار الخطية الخطيرة هو فقدان الهدف الجماعى ، فيعمل كل واحد حسب هواه .
" اطلبوا الرب يا جميع بائسى الأرض الذين فعلوا حكمه .
اطلبوا البر .
اطلبوا التواضع .
لعلكم تسترون فى يوم سخط الرب " [ 2 : 3 ] .
فى دعوته لهم أن يجتمعوا لم يرد أن يبث كل منهم فى الآخر روح الرعب والفزع ، بل يجتمعوا معا لكى يطلبون الرب . يطلبون الرب لكى يفيض عليهم بنعمته ويرحمهم ، ويحقق وعودهم لهم . يدعوهم لكى يجتمعوا بروح الوداعة ، كمرضى يسألون الطبيب السماوى أن يمد يده ليعالج ويشفى . لذا يدعوهم " يا جميع بائسى ( وديعى ) الأرض " .
+ + +
الإصحاح الثالث
أورشليم مسكن الله
" قد نزع الرب الأقضية عليك
أزال عدوك
ملك إسرائيل الرب فى وسطك
لا تنظرين بعد شرا " [ 3 : 15 ] .
سر فرح الكنيسة أنه نزع عنها الأحكام وشطب قضاياها من القائمة ، ولم تعد موضع اتهام ، فقد احتل البار القدوس موضعها وقبل حكم الموت عنها ، أخذ ما لها وأعطاها ما له بكونه الإبن القدوس البار .
" فى ذلك اليوم يقال لأورشليم :
لا تخافى يا صهيون ،
لا ترتخ يداك ،
الرب إلهك فى وسط جبار يخلص ،
يبتهج بك فرحا .
يسكت فى محبته .
يبتهج بك بترنم " [ 3 : 16 ، 17 ]
إذ يسكن الرب وسط شعبه ، ويحل فى قلب المؤمن ، يطلب رفع الأيادى الطاهرة بلا رخاوة ، وبلا خوف .
الرب إلهك ! إذ ترجع البقية إلى الرب ، ينسب الرب نفسه إليها معتزا بها ، فيقال لها :
" إلهك " كما يقال : " إله إبراهيم ، إله إسحق ، إله يعقوب " .
إنه فى وسط كنيسته الإله القدير ، القادر أن يخلص إلى التمام .
" فى الوقت الذى فيه آتى بكم ،
وفى وقت جمعى إياكم .
لأنى أصيركم اسما وتسبيحة فى شعوب الأرض كلهل ،
حين أرد مسبييكم قدام أعينكم . قال الرب " [ 3 : 20 ]
يختم السفر بالإعلان عن كنيسة العهد الجديد ككنيسة مجيدة ، تعكس فى داخلها بهاء مجد عريسها السماوى . هذه التى كانت قبلا موضع سخرية وهزء الآن صار اسمها فى شعوب الأرض كلها ، مصدر فرح لكل البشرية . الكل فى دهشة يتعجب كيف صارت المسبية حرة ، والتى فى عار صارت فى مجد فائق .
+ قاموس الكتاب المقدس .
+ مقتطفات من تفسير القمص / تادرس يعقوب ملطى
+ تفسير كنيسة العذراء بالفجالة
+ + +
مقدمة :
الله فى حبه للبشرية ينشغل بكل إنسان ، كما ينشغل بالبشرية كجماعة . يود أن يقيم منها أيقونة حية للقدوس ، تتأهل للتمتع بالشركة فى الأمجاد الأبدية ، وتنعم بالفرح السماوى الذى لا ينقطع .
هذه الأيقونة لن تتحقق فينا ما لم نتمتع بالحياة المقدسة التى طريقها التوبة أو الرجوع إلى القدوس !
هذا هو غاية الكتاب المقدس كله ، وغاية الخلاص الإلهى ، وغاية هذا السفر ، حيث يتجلى الله بكونه الإله القدوس الغيور . فهو يؤدب ليس إلا لكى يقدس ، حتى لا يخلط الإنسان بين شركته مع الله وشركته مع الشر ، الأمر الذى يستحيل تحقيقه أو قبوله من القدوس .
يفرح الله بالتوبة الجماعية ، فكما يبسط يديه ليضم العالم كله كعروس واحدة مقدسة ، يود أن يفتح المؤمن قلبه ليتسع لكل إخوته ، وتنعم البشرية كلها بالحياة الجديدة فى الرب .
مسرة الله أن تتحول كل الشعوب إلى شفاة نقية تسبح معا بروح واحد ، وتبتهج بالله مخلصها بفرح دائم ، فى حرية صادقة .
صفنيا
اسم عبرى يعنى " يهوه يستر أو يخفى أو يحمى "
ربما كان اسمه فى ذهنه حين كتب : " اطلبوا التواضع . لعلكم تسترون فى يوم سخط الرب " ( 2 : 3 ) . وأيضا تعنى " الذى فى خوف الرب " .
بدأ عمله النبوى فى بداية حكم يوشيا بن آمون ملك يهوذا . وهو نفسه من سبط يهوذا . عاصر إرميا النبى فى بدء خدمته ، واتفق معه فى الهدف وطريقة الكتابة ، وكان له دوره الرئيسى فى الإصلاح الذى قام به يوشيا .
لا نعرف عن حياة صفنيا النبى شيئا سوى ما ورد فى هذا السفر . وقد نسب نفسه للملك حزقيا ، لهذا يظن أنه من نسل الملك الصالح حزقيا . ولد فى اليهودية ، ولكن لا تعرف بلدة مولده .
تاريخ كتابته :
واضح أن صفنيا النبى بدأ خدمته قبل سقوط نينوى وظهور دولة بابل ، ولم يكن إصلاح الملك يوشيا قد بدأ ، هذا الإصلاح الذى لعب فيه صفنيا النبى دورا هاما .
لهذا يرى البعض أن خدمته النبوية غالبا ما بدأت حوالى عام 640 حتى سنة 625 ق.م. وأن هذا السفر سجله فى أواخر هذه الفترة .
بدأ صفنيا النبى خدمته بعد حوالى خمسين عاما من نبوة ناحوم .
مفتاح السفر :
" الرب إلهك فى وسطك جبار ، يخلص ، يبتهج بك فرحا . يسكت فى محبته . يبتهج بك بترنم " ( 3 : 17 ) .
سماته :
1 – غايته الحث على التوبة كطريق للخلاص ، موبخا القادة على جميع مستوياتهم والشعب ، معلنا قرب حلول الضيق ، أى سبى يهوذا بواسطة البابليين أو الكلدانيين . لكنه على الأرجح غاب عن المشهد قبل أن يحل الخراب الذى تنبأ به عن أورشليم .
2 – بدأ السفر بالويلات وانتهى بالتسبيح ، كغالبية الأنبياء الذين ينذرون مؤكدين تأديبات الله ، ثم يفتحون باب الرجاء خاصة بالإعلان عن مجىء المسيا . هكذا يمثل السفر قطعة موسيقية لأغنية الحب الإلهى الجاد ، ففى حزن يبدأ السيمفونية ليعلن محبته الجادة ، وبتهليل يختم السيمفونية ، منشدا إياها فى عذوبة رائعة . إنها من أعذب التسابيح المفرحة فى العهد القديم .
3 – يحمل هذا السفر اتجاها مسكونيا ، فإن كانت مملكة يهوذا تسقط تحت تأديب سريع بعد طول أناة الله عليها إلى أجيال ، فإن الأمم أيضا تدخل تحت المحاكمة لشرها نحو الله ونحو شعبه . ولكن ينتهى السفر بأورشليم الجديدة التى تضم الشعوب لتصير شعب الله المسكونى . فالسفر هو دعوة البشرية كلها لتستيقظ من نومها ، وتتمتع بالشركة مع الله والحياة الجديدة الفائقة .
4 – واضح من السفر أن النبى قدم أحاديث كثيرة ، وأنه فى آخر حياته جمع بعض هذه الأحاديث بوحى الروح القدس فى هذا السفر .
5 – ككثير من أسفار الأنبياء حمل فى نهايته لغة إنجيلية مفرحة ، وبشارة للأمم أنهم سيدركون الحق الإلهى ويتمتعون به . وقد سجل ذلك بطريقة سهلة ، بسيطة ، مفهومة جدا ومباشرة .
6 – بكونه من السلالة الملكية يعرف ما قد حل بالقصر الملكى من خطايا وآثام ، فكان فى مركز يسمح له بالحديث معهم عن أخطائهم بكل صراحة .
7 – تكررت كلمة " يوم " سبع مرات فى هذا السفر . إذ سبق اليوم رقم معين غالبا ما يقصد به 24 ساعة ، أو سنة كاملة ، أما إذا لم يسبقه رقم فيقصد به وقت معين . وذلك كالقول الأحتفال بيوم رئيس معين ، فيقصد به تذكار كل حياته . فالقول " يوم الرب " ، يعنى عمل الرب ، سواء فى مجيئه للتأديب أو يوم الدينونة أو يوم الخلاص .
أقسامه :
1 – يوم الرب العظيم ص 1
2 – محاكمة الأمم ص 2
3 – أورشليم المتهللة ص 3 .
تمثل هذه الإصحاحات الثلاثة أساس الشركة مع القدوس وهو :
" الإيمان والرجاء والمحبة "
من وحى سفر صفنيا
ردنى إليك ، فأصير تسبحة لك !
+ أرى ذراعيك مبسوطتين لى أنا الخاطى .
أرجع إليك ، فتحملنى فى أحضانك ،
تقدسنى بنعمتك يا أيها القدوس وحده .
أرجع إليك فى مخدعى ،
أتوب معترفا بخطاياى وخطايا كل إخوتى .
ألتقى بك خفية كعريس عجيب ،
والتقى بك مع إخوتى يا محب كل البشرية .
+ أؤمن أنك غافر الخطايا ،
لا ترد نفسا تأتى إليك ،
بل تغسلها بدمك ، وتطهرها ، وتقدسها .
تبتر كل شر فيها ،
فإنك لن تقبل الشركة مع الشر والفساد !
+ أبواب الرجاء فيك مفتوحة ،
من يقدر أن يغلقها أمامى ؟!
لأدخل بالإيمان مملوء رجاء وفرحا وتهليلا .
+ لتقم بحبك أورشليمك السماوية فى داخلى .
ولتسكن أيها العريس الجبار فى أعماقى .
تحول حياتى إلى عرس لا ينقطع .
وتقدم لى عربون الأبدية هبة سماوية .
فأفرح مع إخوتى ،
وأسبح معهم بشفة واحدة ،
بك نصير جميعا سيمفونية حب فريدة !
+ + +
آيات من السفر :
الإصحاح الأول
يوم الرب العظيم
ظن الغالبية أن الله لن يسمح بالسبى ليهوذا كما حدث مع إسرائيل ، لأن يهوذا تضم أورشليم مدينة الله ، وبها الهيكل ، مسكن الله . فخلطوا بين عبادة الله والعبادة الوثنية ، وحتى عندما قام يوشيا بالإصلاح اكتفى الغالبية بالإصلاح الظاهرى الشكلى ، دون إصلاح القلب الروحى . لهذا جاءت نبوة صفنيا تؤكد مجىء يوم الرب الذى فيه يؤدب يهوذا ، وتسقط أورشليم تحت السبى .
" كلمة الرب التى صارت إلى صفنيا بن كوشى بن جدليا بن أمريا بن حزقيا ، فى أيام يوشيا بن آمون ملك يهوذا " [ 1 : 1 ]
جاءت مقدمة السفر تؤكد أن ما يسجله صفنيا النبى ليس من كلماته ، بل هى كلمة الرب ، أعلنت له من السماء .
يقدم لنا شجرة العائلة إلى أربعة أجيال سابقة تنتهى بحزقيا الملك ، المذكور فى ملوك الثانى 18 : 1 .
لقد بدأ يوشيا حركة الإصلاح فى السنة الثانية عشر من حكمه ، فإن كان صفنيا النبى بدأ نبوته مع بداية حكم يوشيا ، فبالتأكيد كان له دوره الرئيسى فى حركة الإصلاح .
" وأمد يدى على يهوذا ، وعلى كل سكان أورشليم ،
وأقطع من هذا المكان بقية البعل ،
اسم الكماريم ،
مع الكهنة " [ 1 : 4 ]
يعلن الله أن ما يشغله لا أورشليم ، ولا الهيكل كمبنى ، إنما القداسة ، التى يريدها لكل البشر ، فإن فقد البشر الحياة المقدسة ، فإنه مستعد أن يزيل الأرض كلها بكل ما عليها ، هذه التى خلقها من أجل الإنسان .
لقد مزجت أورشليم بين عبادة الله وعبادة البعل ، أعلن الله أنه سيقطع اسم البعل وعبادته من الأرض ، والكماريم ( كهنة الأوثان 2 ملوك 23 : 5 ) . الذين يضلون الشعب ، وأيضا يقطع الساجدين للكواكب .
" والساجدين على السطوح لجند السماء ،
والساجدين الحالفين بالرب ،
والحالفين بملكوم " [ 1 : 5 ]
جند السماء : الشمس أو القمر أو أحد النجوم ... وكانت من أقدم العبادات الوثنية .
والساجدين الحالفين بالرب ،أى الذين يمزجون بين عبادة الله الحى وعبادة الأوثان ، وأن يضيف فى قسمه بالله الحى اسم أو اسماء آلهة وثنية .
" قريب يوم الرب العظيم ،
قريب وسريع جدا .
صوت يوم الرب .
يصرخ حينئذ الجبار مرا " [ 1 : 14 ]
يقدم النبى هنا تحذيرا ليهوذا وأورشليم عن قرب الدمار الذى سيحل بواسطة البابليين . إنه ليس يوم البابليين ، بل " قرب يوم الرب العظيم " ، لأن هذا الدمار إنما بسماح من الرب لتأديبهم .
بدأ هذا اليوم بموت الملك الصالح يوشيا الذى قتله فرعون نخو فى موقعة مجدو ، واستمر اليوم حتى تم خراب أورشليم على يد نبوخذنصر البابلى .
ذهب العالم وفضته لا يستطيعان أن ينقذانا فى يوم الرب العظيم ، أما ثروة المؤمن فهى الوصية الإلهية ، من يحفظها تحفظه من الغضب الإلهى . الوصية كنز ، نقتنيه بعمل النعمة الإلهية ، فنحمل بر المسيح .
+ + +
الإصحاح الثانى
محاكمة الأمم
فى الإصحاح الأول يؤكد الرب أنه يؤدب شعبه فى حزم شديد ، إذ لا يقبل الشركة مع الشر ، وهو فى هذا استخدم أشور ، وسيستخدم بابل لتأديب شعبه " إسرائيل ويهوذا " لكن وهو يؤدب شعبه لا يقبل من الأمم أن يشمتوا بهم أو يحملوا روح البغضة والكراهية ضدهم ، فإنه يحاكمهم ويدينهم .
الله لا يعادى الأمم بل يعادى عداوتهم ، ولا ينتقم منهم بل من الشر الذى ملك عليهم .
" تجمعى واجتمعى يا أيتها الأمة غير المستحية " [ 2 : 1 ] .
يدعو هذه الأمة التى حسبت نفسها شعب الله المتميز عن بقية الأمم والشعوب أن تراجع موقفها فإنها " أمة غير مستحية " أو " غير راغبة فى الله " ، أو ليس لها ما يزكيها أمامه ، يطالبها أن تجمع نفسها وتجتمع معا ، فإن أحد ثمار الخطية الخطيرة هو فقدان الهدف الجماعى ، فيعمل كل واحد حسب هواه .
" اطلبوا الرب يا جميع بائسى الأرض الذين فعلوا حكمه .
اطلبوا البر .
اطلبوا التواضع .
لعلكم تسترون فى يوم سخط الرب " [ 2 : 3 ] .
فى دعوته لهم أن يجتمعوا لم يرد أن يبث كل منهم فى الآخر روح الرعب والفزع ، بل يجتمعوا معا لكى يطلبون الرب . يطلبون الرب لكى يفيض عليهم بنعمته ويرحمهم ، ويحقق وعودهم لهم . يدعوهم لكى يجتمعوا بروح الوداعة ، كمرضى يسألون الطبيب السماوى أن يمد يده ليعالج ويشفى . لذا يدعوهم " يا جميع بائسى ( وديعى ) الأرض " .
+ + +
الإصحاح الثالث
أورشليم مسكن الله
" قد نزع الرب الأقضية عليك
أزال عدوك
ملك إسرائيل الرب فى وسطك
لا تنظرين بعد شرا " [ 3 : 15 ] .
سر فرح الكنيسة أنه نزع عنها الأحكام وشطب قضاياها من القائمة ، ولم تعد موضع اتهام ، فقد احتل البار القدوس موضعها وقبل حكم الموت عنها ، أخذ ما لها وأعطاها ما له بكونه الإبن القدوس البار .
" فى ذلك اليوم يقال لأورشليم :
لا تخافى يا صهيون ،
لا ترتخ يداك ،
الرب إلهك فى وسط جبار يخلص ،
يبتهج بك فرحا .
يسكت فى محبته .
يبتهج بك بترنم " [ 3 : 16 ، 17 ]
إذ يسكن الرب وسط شعبه ، ويحل فى قلب المؤمن ، يطلب رفع الأيادى الطاهرة بلا رخاوة ، وبلا خوف .
الرب إلهك ! إذ ترجع البقية إلى الرب ، ينسب الرب نفسه إليها معتزا بها ، فيقال لها :
" إلهك " كما يقال : " إله إبراهيم ، إله إسحق ، إله يعقوب " .
إنه فى وسط كنيسته الإله القدير ، القادر أن يخلص إلى التمام .
" فى الوقت الذى فيه آتى بكم ،
وفى وقت جمعى إياكم .
لأنى أصيركم اسما وتسبيحة فى شعوب الأرض كلهل ،
حين أرد مسبييكم قدام أعينكم . قال الرب " [ 3 : 20 ]
يختم السفر بالإعلان عن كنيسة العهد الجديد ككنيسة مجيدة ، تعكس فى داخلها بهاء مجد عريسها السماوى . هذه التى كانت قبلا موضع سخرية وهزء الآن صار اسمها فى شعوب الأرض كلها ، مصدر فرح لكل البشرية . الكل فى دهشة يتعجب كيف صارت المسبية حرة ، والتى فى عار صارت فى مجد فائق .
† jos †- مشرف عام
- عدد الرسائل : 301
علم بلدك :
تاريخ التسجيل : 30/12/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى